خطبة الجمعة عن يوم عرفة قصيرة مكتوبة 1444 / 2023
خطبة الجمعة عن يوم عرفة
خطبة جمعة عن يوم عرفة ويوم النحر
قصص مؤثرة عن يوم عرفة
خطبة فضل يوم عرفة لغير الحاج
خطبة عن يوم عرفة قصيرة مكتوبة – خطبة الجمعة الأولى من ذي الحجة 1444
خطبة الجمعة عن يوم عرفة الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك العلام الذي فرض الحج إلى بيته الحرام وجعله ركناً من أركان الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خير من طاف بالبيت وصلى خلف المقام صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] عباد الله: يوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة؟ من أفضل أيام الدنيا, يوم عرفه.. يوم تعظيم الله وذكره وشكره وعبادته. فأهل الموسم من الحجيج يقفون بصعيد عرفات في جموع عظيمة مهيبة؛ شعثا غبرا في دعاء وتضرع وبكاء، يسألون ربهم حاجاتهم، ويقرون له بذنوبهم.
وأما غيرهم من المسلمين فهم في مساجد الله، يرجون ما عند الله قد صاموا هذا اليوم طلبا لمرضات الله، يخلو كل واحد منهم بربه عز وجل، يدعوه ويسأله ويستغفره حتى يحل إفطاره، فيا لله العظيم، كم من دعوات سترفع إلى الله تعالى من صعيد عرفات؟ وكم من دعوات سترفع إليه سبحانه من مساجد المسلمين وبيوتهم في هذا اليوم العظيم في مشارق الأرض ومغاربها؟!
أخرج الأمام مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)). فيا له من عمل صالح يسير يؤديه المسلم في وقت قصير يحوز بعده مغفرة السنة الماضية والسنة المقبلة من ذنوبه وسيئاته.
عباد الله: يوم عرفة يوم عظيم، يوم حافل بالهبات والخيرات، ووافر بالمنح والبركات؛ فيه يُعتق الله عزَّ وجل من العباد من النار ما لا يعتق فيما سواه، ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله قال: ((ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة)).
يوم عرفة يوم تستجاب فيه الدعوات وتسكب فيه العبرات وتقال فيه العثرات ويتفضل فيه رب الأرض والسموات، فتوبوا إلى الله تعالى وتقربوا إليه في هذا اليوم، تضرعوا إلى الله بالدعاء، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))
وكان بعض السلف يؤخر حاجاته ليوم عرفه, فألحوا يا عباد الله على الله بالدعاء واعرضوا عليه همومكم وحاجاتكم، واجتهدوا في الدعاء لأنفسكم ولأهليكم ولإخوانكم ولأمتكم ولولاة أمركم ولجنودنا المرابطين ولرجال أمننا والقائمين على خدمة ضيوف الرحمن وأن يسلم الله الحجاج والمعتمرين ويردهم إلى بلادهم سالمين غانمين وأن يرد عنا وعنهم كيد الكائدين ومكر الماكرين وعدوان المعتدين وأن يحفظ علينا ديننا وأمننا وعقيدتنا إنه جواد كريم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
خطبة عن يوم عرفة قصيرة - الخطبة الثانية
عباد الله: في عرفه ذلك اليوم العظيم نستذكر ذلك الحدث التاريخي، حين وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الموقف المشهود، وقف على صعيد عرفة في يوم جمعة، وقد اجتمع حوله أكثر من مائة ألفٍ من الصحابة.
فخطب خطبته الخالدة فكان مما قاله لهم ولنا ولمن سيأتي بعدنا: "أيها الناس، إنه لا نبي بعدي، ألا فاعبدوا ربكم، أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم بينكم حرام، فلا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، وإن ربا الجاهلية موضوع، وقضى الله أنه لا ربا، واستوصوا بالنساء خيرا، إن لنسائكم عليكم حقا، ولكم عليهن حق، أن ربكم واحد، وإن إلهكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
ثم قال صلى الله عليه وسلم: "ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد" في ذلك اليوم ودع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بتلك الكلمات الحزينة، فقال لهم: "لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا".
عباد الله: ما أعظمه من مشهد هذا اليوم أن ترى الناس في عرفة وفي سائر البلدان قد لجئوا إلى ربهم وتضرعوا إلى مولاهم، بالحمد والثناء يلهجون، وبالبكاء والدعاء يضجّون، قلوبهم منكسرة، ودموعهم منهمرة.
فلو رأيتهم وقد سألوا ربهم خاشعين، ورفعوا أكف الافتقار إليه متضرعين، وأسبلوا العبرات متذللين، يقولون يا ربنا لقد تعاظمت منا المعاصي والذنوب، وتراكمت علينا النقائص والعيوب، ونحن يا مولانا في عفوك طامعون، ولخيرك وجودك مؤملون، فنحن الفقراء إليك، الأسارى بين يديك، إن قطَعتنا فمن يصلنا؟ وإن أعرضت عنا فمن يقرّبنا؟ فارحم خضوعنا، وأقبل خشوعنا، وأجبر قلوبنا، واغفر ذنوبنا، إنك سميع مجيب. هذا وصلوا وسلموا.
خطبة عن فضل يوم عرفة مكتوبة
الحمد لله الملك الحق المبين؛ ذي القوة المتين، هدى العباد صراطه المستقيم، ودلهم على شرعه القويم، وهو الولي الحميد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ في هذه الأيام العظيمة يجتمع أهل الموسم على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويعظمون حرماته وشعائره، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ضحى وشرع الأضحية لأمته، فهي من آكد سنته، فمن قدر عليها فلا يحرمن نفسه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
أيّها المسلمون إنّ فضائل هذه الأيام كثيرة، ولبعضها خصائص ليست لغيرها كيوم عرفة، ويوم النحر. وهذا حديث عن يوم عرفة، وما فيه من الفضائل؛ لنعلم قدره، ونعظم حرمته، ولا نهدر منه لحظة، فيوم عرفة هو يوم من أيام الأشهر المحرمة، وهو من أيام العشر المفضلة، وهو من الأيام المعلومات المذكورة في قوله تعالى: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ “، كما أقسم الله تعالى به في كتابه الكريم مما يدل على فضله وعظمته، فقال تعالى: “وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ”، وقد قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْآيَةِ: “الشَّاهِدُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالْمَوْعُودُ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ”، ويوم عرفة هو يوم كمال الدين، وتمام النعمة؛ كما في حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: “اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ”، ويوم عرفة هو يوم عيد للمسلمين وهو يوم الحج الأعظم، فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج معذورا كان أم غير معذور، وهو يوم يباهي به الله تعالى أهل السما بأهل عرفات، كما أنّه يوم عتق من النيران، فظاهر الحديث أنه أكثر يوم في العام يعتق الله تعالى فيه خلقا من النار، والظاهر أن العتق من النار ليس خاصًا بأهل عرفة، وإنّما هو عام لهم ولغيرهم، وإن كان يرجى لأهل عرفة أكثر من غيرهم.
وعرفة أيّها المسلمون هو يوم ادعاء المستجاب، والظاهر أن فضل الدعاء ليس خاصا بالواقفين بعرفة فقط، وإن كان القبول منهم أرجى من غيرهم؛ لتلبسهم بالإحرام، ووجودهم في أطهر البقاع، وكذلك الدعاء بكلمة التوحيد الواردة في الحديث ليست خاصة بأهل عرفة، بل ينبغي أن يكثر من قولها أهل الأمصار في ذلك اليوم العظيم، وكأن الإكثار من الدعاء بكلمة التوحيد في يوم عرفة هو لتأكيد الوفاء بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على البشر قبل وجودهم على الأرض، وهو يوم إصغار الشيطان ودحره؛ لما يرى من تنزل رحمات الله تعالى على عباده؛ وإذا كان أهل الموسم قد ظفروا بالوقوف في عرفة ركن الحج الأعظم، فإن لأهل الأمصار صوم ذلك اليوم العظيم، وصومه يكفر سنتين كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ”.
نسأل الله تعالى أن يقبل منا ومن المسلمين، وأن يكتب لنا جميعا الرحمة والمغفرة والعتق من النار، إنه سميع مجيب، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.